منتديات زمرده النسائية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عالمكِ الصاخب بالانوثة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مجمد شكري

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
السيدة laady
ღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღ
السيدة laady


انثى
المشاركات : 603
الهوايات : تعلم العيش
مزاجي : مجمد شكري Mobtah10
البلد : مجمد شكري Female49
تاريخ التسجيل : 22/09/2007

مجمد شكري Empty
مُساهمةموضوع: محمد شكري   مجمد شكري Emptyالخميس 15 نوفمبر - 8:49


محمد شكري

مجمد شكري P12_20060920_culture1.full

حياتــــــــــــــــــــــــه

ولد محمد شكري في سنة 1935 م في بني شيكر شمال المغرب. عاش طفولة صعبة وقاسية في قريته الواقعة في سلسلة جبال الريف، ثم في مدينة طنجة التي نزح إليها مع أسرته الفقيرة سنة1942 م.
وصل شكري إلى مدينة طنجة ولم يكن يتكلم بعد العربية، عملَ كصبي مقهى وهو دون العاشرة، ثم عمِلَ حمّالاً، فبائع جرائد وماسح أحذية ثم اشتغل بعد ذلك بائعًا للسجائر المهربة.
انتقلت أسرته إلى مدينة تطوان لكن هذا الشاب الأمازيغي سرعان ما عاد لوحده إلى طنجة.
لم يتعلم شكري القراءة والكتابة إلا وهو ابن العشرين. ففي سنة 1955 م قرر الرحيل بعيدًا عن العالم السفلي وواقع التسكع والتهريب والسجون الذي كان غارقًا فيه ودخل المدرسة في مدينة العرائش ثم تخرج بعد ذلك ليشتغل في سلك التعليم.
في سنة 1966 م نُشِرَت قصته الأولى العنف على الشاطئ في مجلة الأداب اللبنانية. حصل شكري على التقاعد النسبي و تفرغ تمامًا للكتابة الأدبية. توالت بعد ذالك كتاباته في الظهور.
اشتغل محمد شكري في المجال الإذاعي من خلال برامج ثقافية كان يعدها و يقدمها في إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية (ميدي 1) في طنجة.
عاش شكري في طنجة لمدة طويلة ولم يفارقها إلا لفترات زمنية قصيرة.

ادبـــــــــــــــــــــــــه

تحفل نصوص محمد شكري بصور الأشياء اليومية وبتفاصيلها الواقعية وتمنحها حيزًا شعريًا واسعًا، على عكس النصوص التي تقوم بإعادة صياغة أفكار أو قيم معينة بأنماط شعرية معينة.
شخصيات شكري وفضاءات نصوصه ترتبط إرتباطًا وثيقًا بالمعيش اليومي. ويعتبر شكري "العالم الهامشي" أو "العالم السفلي" قضية للكتابة، فكتاباته تكشف للقارئ عوالم مسكوت عنها، كعالم البغايا والسكارى والمجون والأزقة الهامشية الفقيرة، وتتطرق لموضوعات "محرمة" في الكتابة الأدبية العربية وبخاصة في روايته الخبز الحافي أو الكتاب الملعون كما يسمها محمد شكري.
تحتل مدينة طنجة حيزًا هامًا ضمن كتابته، فقد كتب عن وجوهها المنسيةو ظلمتها وعالمها الهامشي الذي كان ينتمي إليه في يوم من الأيام.


عدل سابقا من قبل في الأحد 16 ديسمبر - 4:57 عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السيدة laady
ღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღ
السيدة laady


انثى
المشاركات : 603
الهوايات : تعلم العيش
مزاجي : مجمد شكري Mobtah10
البلد : مجمد شكري Female49
تاريخ التسجيل : 22/09/2007

مجمد شكري Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجمد شكري   مجمد شكري Emptyالخميس 15 نوفمبر - 8:54

ابرز اعماله الادبية
الخبز الحافي (1972 م، ولم تنشر بالعربية حتى سنة 1982 م)
مجمد شكري Choukri_alkhbz_alhafi
الشطار
مجمد شكري Choukri_alchatar
زمن الأخطاء (1992 م).
مجمد شكري Zaman2
وجوه.
مجمد شكري 61
مجنون الورد (1979 م)
مجمد شكري Choukri_majnon_alward
الخيمة (1985 م)
مجمد شكري Choukri_alkhayma
السوق الداخلي (1985 م)
مجمد شكري Choukri_alsok_adakhili
مسرحية السعادة (1994 م)
غواية الشحرور الأبيض (1998 م)
مجمد شكري Choukri_ghwaia_alshrour
بالإضافة إلى مذكراته مع جان جنيه وبول بوولز.
مجمد شكري Choukri_boul_boulz
مجمد شكري Choukri_jan_jnih_fi_tanja


عدل سابقا من قبل في الخميس 15 نوفمبر - 9:27 عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السيدة laady
ღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღ
السيدة laady


انثى
المشاركات : 603
الهوايات : تعلم العيش
مزاجي : مجمد شكري Mobtah10
البلد : مجمد شكري Female49
تاريخ التسجيل : 22/09/2007

مجمد شكري Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجمد شكري   مجمد شكري Emptyالخميس 15 نوفمبر - 9:00

لمحات من بعض المؤلفات
الخبز الحافي
الخبز الحافي هي رواية تعدّ من أشهر النتاج الأدبي للكاتب الراحل محمد شكري. كتبت سنة 1972 و لم تنشر بالعربية حتى سنة 1982 وترجمت إلى 38 لغة أجنبية.
الخبز الخافي هي الجزء الأول من سيرة محمد شكري الذاتية التي استغرقت ثلاثة من أهم أعماله فبالإضافة إلى هذا الكتاب هناك كتاب زمن الأخطاء وكتاب وجوه. صرّح محمد شكري أن فكرة كتابة سيرته الذاتية كانت بدافع من صديقه الكاتب الأمريكي بول بولز المقيم في طنجة وقد باعه إياها مشافهة قبل أن يشرع فعلا في تدوينها
و قد أثار هذا العمل ضجة ومنع في معظم الدول العربية إذ اعتبره منتقدوه جريئا بشكل لا يوافق تقاليد المجتمعات العربية.
يطالع القارئ من خلال هذه الرواية سيرة الروائي الذاتية فقد أفصح عما لا يمكن أن يقال.. عن خفايا إنسانية لا يفصح عنها تبقى قيد الكتمان.
أتت الرواية لتحكي مأساة إنسان أبت ظروفه إلا أن يبقى في ظلمات الجهالة حتى العشرين من عمره فكانت حداثته انجرافاً في عالم البؤس حيث العنف وحده قوت المبعدين اليومي. لقد أتى النص مؤثراً حتى أن هذا العمل احتل موقعاً متميزاً في الأدب العالمي . وليس صدفة أن نشر بلغات أوروبية كثيرة قبل نشره بلغته العربي.
بالطبع هذه الرواية تمثل صورة "حقيقية" وليست مزورة.. لقد استطاع وبجدارة اجترار ما قدمه للجحيم في سنوات عمره في أسطر
السوق الداخلي
عالمان يتداخلان، ومساحة الزمان والمكان تغدوان رمزاً في أفق "السوق الداخلي" مرئيات علي "الشخصية المحورية" تدور ويدور على ذاته تبصر عيناه أحداثاً وصوراً تتناغم نفسه معها أو لا تتناغم لا يهم لأن الخيال وحده الذي ينقذه. يحلق خارجاً من إطار المكان والزمان ليخلق توليفة ربما تنسجم مع نفسيته ومع ما يتوق إليه. ويبقى لعلي الصوت.. حيث تذوب الوجوه لتختفي معلنة ولادة عالم الأصوات التي تستحضر العالم بكل أبعاده
الخيمة

على صفحات "الخيمة" تنزلق عيناك متابعة الكلمات التي تشعر وكأن أذناك تلتقطها. عبارات وكلمات نابية وغير نابية تسمعها وتروح مع محمد شكري عبر عالمه المغرق في الواقعية لتتعرف على أزقة وأسواق وحانات ونساء مغربيات، فقر مدقع، وروائح، وهيئات، وحالات لم يكتف محمد شكري على عادته بإشباعها وصفاً، بل هو بطريقة أو بأخرى امتد إلى دواخلها فكشف عنها... هي واقعيّة التي اختارها لأعماله الأدبية لم تمتد إليها يد الخيال، وكأن الواقع الأليم، الجوع، الخوف، القهر، الفقر والخيبة والفشل أفزعا الخيال فلاذ بالفرار
وجوه
"إننا لا نختار أحلامنا، ولكن لها صلة بوعينا ولاوعينا، كثير من أحلامنا تكشف من سحرها ما عشناه وما سنعيشه. أحلامنا هي قدرنا، ما شئنا من سحرها وما لم نشأ وكثيراً ما أنارت لنا جزءاً من حياتنا المظلم مبتغانا. حين تغيب عن الأحلام ألجأ إلى أحلام يقظتي، لكنها، ليست هي الأقوى من أحلام الغيب التي تملك مفاتيح حياتنا السرية، وجهي هو أحلامي السحرية".
هروب محمد شكري عبر الوجوه.. إلى زمن اخترقه.. إلى أحلام عاشها، أو لم يعشها.. ولكنها أحلامه التي ما زال يعيش عليها.
غواية الشحرور الابيض
يمثل الكتاب جملة في الأعمال الأدبية العالمية ليضع المؤلف نصوصها تحت مبضع الناقد العارف بأن ما من أحد فوق النقد لذا تراه يصول شرقاً وغرباً وعربياً وأجنبياً مشرحاً نصوصه دون خشية من سطوة الأسماء الكبيرة، فهو ينتقد نجيب محفوظ، وأدونيس بأسلوب يلغي التبعية الفكرية والفنية دون أن ينقص من كمية الاحترام التي يكنها لإنجازاتهما. لقد حاول شكري أن يدخل إلى النصوص التي يشرح من خلالها تجربته الأدبية وفهمه لدور الإبداع الأدبي.
الشطار

محمد شكري قلب غارق في الأحزان، وقلم سيّال غذته خيالات الهروب عبر الكلمات، وهو لا يحتاج إلى فن كثير ليحول بثه مشاهد وسيرته رواية، ذاك أنه، وهذه مفرداته، لا يرى الكتابة تنسيقاً وتأليفاً بل شهادة. وهو في روايته هذه وكما في روايته السابقة "الخبز الحافي" هو يستعيض بقوة الحياة من التفنن في الكتابة، وهذا لا يحصل إلا لمن كان مثل محمد شكري، غامضاً في الحياة، متوزعاً فيها، لكن في الوقت نفسه، يراقبها بعين خفية ساخط
مجنون الورد
"جالس في رحبة مقهى سنترال، وضعي مسترخ. غير مبال بالعابرين. هادئ. ينبغي لمن يريد أن يكلمك أن يهزك من كتفك. هكذا قال لي صديقي. نصفي الأسفل في الشمس. وضع لي كوب شاي. حذرني منه: إنه يحوم حولك. لا تهتم به. يطلب جرعة شاي حذرني منه: إنه يحوم حولك. لا تهتم به. يطلب جرعة شاي، إن لم يعطه أحد إياها فإنه يطلب النعنع ليمتصه، بعد أن يرى الكوب فارغاً. من تقصده؟ ألا تراه؟ ميمون".
على العكس من معظم الكتاب الآخرين، تعلّم محمد شكري لغة الأشياء العارية القاسية، قبل أن يتعلم الكلمات "المعبرة"، لذلك تظل حياته اليومية هي الأساس، وتغدو الكتابة بالنسبة له إدماناً جزئياً يرفض أن يجعل منه قناعاً للتجميل أو مطية للارتقاء في السلم الاجتماعية. الخيوط التي ينسج منها شكري مجموعته القصصية "مجنون الورد" تنتهي إلى رسم "جغرافيا سرية" للمدنية ولتحت أرضها، تبدأ تناسلها جميعاً، من مناخ الهامشيين أو من عالم الأطفال. يبدأ الحكي بتلقائية توهمنا أنه يحكي واقعة من "الوقائع المختلفة"، شاهدها في الطريق أو قرأها في الصحيفة وأعاد صياغتها. لكن هذا التوهم سرعان ما يبدده سطوع كلمات مفاجئة وعبارات مكثفة محملة بالإيحاءات والدلالات، تنقلنا إلى عالم قصصي تؤطره وتوحده تلك الخيوط المتناثرة في مختلف القصص. قوام هذا العالم عند شكري، الهامشيون أو الليليون (مقابل النهاريين كما يحلو له أن يقسم الناس).. في قصة "بشير حياً وميتاً" يجسد شكري هذه العلاقة الغريبة بين العاديين العقلاء والشواذ المجانين: بشير "الأحمق" يقلق الآخرين لكنه يسليهم لأنه ليس فاهم. يتحلقون حوله وهو ممدد في الشارع متمنين موته.. وعندما يستيقظ من غيبوبته يصابون بخيبة أمل: "سينظرون إليه كشبح وهو يسير بينهم". وتلقائية شكري، التي يحكي بها، تلازمه وهو يسمي الأشياء المكونة للاهتمامات اليومية عند أشخاصه الهامشيين. ويكون الجنس في طليعة تلك الاهتمامات. إن الثنائية الفاصلة بين الأشياء تنعدم في سلوكاتهم، والجسد كلي، به يواجهون العالم، ومنه يستوحون ردود الفعل.. والشهوة تختلط بما هو نباتي وحيواني، وبالوجود والعدم
جان جنيه في طنجة تينسي وليامز في طنجة
إن كتاب محمد شكري عن جنبيه في طنجة يمثل صورة متكاملة عن جان جنيه، وسيتابع القارئ أحداثه بحواسه حتى ليخيل إليه أنه يسمعه بوضوح كما لو أنه يشاهد فيلماً. ومن أجل أن يحقق الواحد دقة من هذا النوع عن طريق سرد الأحداث وتسجيل ما قيل فيه على المرء أن يمتلك صفاءً نادراً في الرؤية يملكه كانت هذه المذكرات بحق.
لم يقتصر هذا الكتاب على لقاء محمد شكري بـ"جان جنيه" بل هو ضم في طياته لقاءه مع تينسي وليامز. وكتاب شكري هذا يصف لقاء من الصنف الثالث. فحينما علم أن تينسي وليامز قد شوهد في طنجة في صيف 1973، قرر شكري فوراً أن يتحرّى الزائر الأمريكي المشهور.
كان هناك حاجز لغوي، شكري يحسن الإسبانية ويتكلم فرنسية مقبولة، فضلاً عن _الريفية الأمازيغية_ و العربية، أما انكليزيته (كما هي إسبانية وفرنسية تينسي) فهي ابتدائية، وكلاهما يملك مزاجاً مناقضاً في مظهرين هامين. إن دعابة تينسي فجائية ومتفجرة، ودعابة شكري خفية وممتنعة. شكري يبحث عن النقاش الأدبي، وتينسي يفضل تجنبه، أحدهما نسبياً مجهول، والآخر جدّ مشهور، ولكن فيما يقال إن المضادان تتجاذب، فربما يراد التعبير عنه هو أن المشابهات تنبع رغم الاختلافات.
إن شكري مثلما هو تينسي كلهما هارب من ماضيه، كلاهما غير مكترث بكل بشيء وكلاهما متوحد. وإذا كانت حكاية شكري حول عبور تينسي في طنجة الذي دام ثلاثة أسابيع، خلال الصيف، قد أعطت أثرها، فذلك أن الأمر يتعلق بمجموعة من اللحظات، بسلسلة من المقاطع التي تظهر كيف تنشأ الظرافة من الفضول. "إن الطريقة التي يعبر بها تينسي تروق لي" هكذا يقول شكري ذات لحظة. إنه بالغ الصدق فيما يقول، وأجود من هذا الكيفية التي يبلغ بها إلينا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السيدة laady
ღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღ
السيدة laady


انثى
المشاركات : 603
الهوايات : تعلم العيش
مزاجي : مجمد شكري Mobtah10
البلد : مجمد شكري Female49
تاريخ التسجيل : 22/09/2007

مجمد شكري Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجمد شكري   مجمد شكري Emptyالخميس 15 نوفمبر - 9:39

كلام مسجل لم ينشر :

الروائي المغربي محمد شكري

لم أتعلم القراءة و الكتابة إلا في سن العشرين .
كنت أبيع السجائر المهربة و " الكيف " في الميناء .
اشتغلت نادلا في مقهى و في حانة و مرشدا سياحيا و معلما و مذيعا ...
درست في حياتي أربع سنوات و بضعة أشهر فقط .
أنتمي إلى طبقة مهمشة ، مسحوقة تتكون من اللصوص و البطالين و المغامرين و العاهرين و العاهرات...
الحكي عن أشياء شفويا ليس كالكتابة عنها .
التاريخ لا يخلق الحياة إنما الحياة هي التي تخلقه .
ليس هناك حياة حكاية بل هناك حكاية حياة .
لا أعرف المغرب معرفة عميقة
أنا معجب بصليحة وعلي الرياحي و حبيبة مسيكة و رؤول جورنو .

عاش الفقر و الخصاصة و الحرمان و التشرد و التهميش ...عاش مسحوقا ، في وضع رديء و في مستوى متـدن للغاية ...قضى حياته لاهيا ماجنا, معربدا بين الصعاليك و الشواذ يعاقر الخمرة ويمارس الجنس و يتعاطى المخدرات ... التقى في مدينة طنجة المغربية بالبعض من الكتاب العالميين الذين أقاموا في هذه المدينة على غرارالأمريكيين تنيسي وليامز و بول بولز و الفرنسي جون جونيه : هؤلاء شجعوه على كتابة سيرته الذاتية فـي " الخبز الحافي "،هذا الكتاب تمت ترجمته إلى تسع و ثلاثين لغة : إنه دون شك الروائي المغربي محمد شكري الذي تميزت كتاباته بالصدق و الواقعـية و التلقائية و الصراحة و الجرأة التــي لا مثيل لها ... ترك للقراء و لكل عشاق الكلمة الصادقة عديد الأعمال إلى جانب " الخبز الحافي" و" الشطــار" أو " زمن الأخطـاء " و "الخيمة" و " السوق الداخلي " و" مجنون الورود " و "جون جونيه و تنيسي وليامز في طنجة " و غيــرها ... محمد شكري رحل عن هذه الدنيا يوم السبت الخامس عشر من نوفمبر سنة 2003 عن سن تناهز ثمــان و ستين سنة بعد صراع مرير مع مرض السرطان بالمستشفى العسكري بالرباط . التقيته قبل اثنتي عشرة سنة خلال شهر أوت من سنة 1995 بمدينة قابس حيث أجريت معه حوارا مطولا لم ينشر من قبل تميز بالتلقائية و الصدق و الصراحة و الجرأة و الشفافية ففيه عرى جوانب عديدة من حياته و هذا أهم ما دار بيننا من حديث :

س: أستاذ محمد شكري نعلم جميعا أنك بدأت الدراسة في وقت متأخر جدا ...حدثنا قليلا عن ذلك و عن نشأتك و بداياتك .
ج : لم أتعلم القراءة و الكتابة حتى سن العشرين كان ذلك عام 1956 سنة استقلال المغرب فأنا من مواليد سنة 1935 كنت أجهل القراءة و الكتابة . كان هناك نداء لكل الذين يرغبون في تعلم القراءة و الكتابة في مدارس ليلية إذ كانت هناك دروس تعطى ليليا للذين يشتغلون في النهار و هذا النــــــداء عمم بالنسبة إلى الذين يريدون أن ينتسبوا إلى التعليم الرسمي المنتظم فأنا غامرت , كنت أشتغل و أقوم بعدة أعمال في هذه المرحــلة ... كنت أعمل في الميناء خصوصا أبيع السجائر المهـــربة و "الكيف" و عملت أيضا كمرشـــد سياحي و اشتغلت في عدة مرافق: في صالون مقهى و مطعم و حانة ... بعدها فضلت أن أتخلص من هذه الأعمال التي كنت أقوم بها و ذهبت إلى مدينة العرا ئش حيث انتسبت إلى مدرسة ابتدائية , باختصار درست هناك لمدة أربع سنوات وبضعة أشهرفي تطوا ن فنجحت و عـينت معلما في طنجة بصفة رسمية في إحدى المدارس الحكومية : إذن هذه بدايتي التعليمية , هكذا اختصرتها دون تفاصيل ... مع ا لحرف سيكون منطلقي فيما بعد لكي أكتب.
س : ألفت العديد من الكتب منها ما وصل إلى تونس مثل "الشطار" و " الخبز الحافي " و منها ما لم يصل . هل لك أن تسلط الضوء على البعض الآخر من مؤلفاتك ؟
ج : من حيث التوزيع ما طبع في المغرب لم يصل إلى تونس و إلى أي بلد عربي و لكن من بين الكتب التسعة التي نشرتها على نفقتي الخاصة بالمغرب طبع منها ثلاثة كتب اثنان فى دار الساقي في لندن و هما " الخبز الحافي " و " الشطار " و نفس الرواية صدرت في المغرب طبعتها بعنوان آخر و هو " زمن الأخطاء " و مجموعة قصصية صدرت عام 1979 في دار الآداب البيروتية و الكتب الأخرى نشرت في المغرب و لم توزع خارجه " الخبز الحافي " سيرة ذاتية روائية , ليست مكتوبة بتاريخ متسلسل إنها ليست سيرة ذاتية مبنية على أمجاد أدبية لأن السيرة الذاتية غالبا ما تكتب عندما يكون للأديب مجد أدبي و هذه السيرة الذاتية لكي أكتبها بهذا الشكل كان لا بد لي أن أكتبها بشكل روائي و هذا يشكل ربما منعطفا جديدا حتى بالنسبة إلى السيرة الذاتية المعروفة في العالم العربي لأنها تنسلخ عن الأسلوب البلاغي الكلاسيكي المعروف عند طه حسين و أحمد أمين و عبد المجيد بن جلون مثلا و هذه السيرة الذاتية التقليدية التي نعرفها بينما هذه السيرة هي سيرة شطرية و ليس شطارية كما يقال في هذه السيرة . في " الخبز الحافي " هي سيرة ذاتية أشخاصها ليس لهم طبقة معروفة في المجتمع هي طبقة مسحوقة , مهمشة وهذه الطبقة أنتــمي إليــها
و أحـاول أن أعيد إليها الاعتبار في المجتمع, هذه الطبقة المسحوقة التي تتكــون من اللصوص و العاهــرين و العاهرات و البطالين و المغامرين ... هل من الممكن أن أعطي نبذة عن مفهومي للسيرة الذاتية.. ؟
س : تفضل .... سنكون سعداء بذلك و ستحصل المزيد من الإضافات للقراء في هذا السياق .
ج : حقا قد عشت تجارب كثيرة لكـنني كنت أدرك أن الحكي عن أشياء شفويا ليس كالكتابة عنها , كنت قد عشت و أنا أعرف كيف أحكيه زاهيا لأن كيفية العيش ليس مثل كيفية الحكي , الصراع كان مع تركيب الكلمات و خلق الصور فالأحاسيس و الافكار يملكها الكثيرون ... ليس المعيش اليومي و إنما الإيهام به . الإنسان في الإبداع ليس تاريخا موثقا لأن التاريخ لا يخلق الحياة إنما الحياة هي التي تخلقه و معلوم أن المشاعر أكــبر من اللغــة إنها لا تفي أي اللغة بمــثـل ما تجيش به المشاعر , التعبير عنها يبقى هو الأهــم
و الأسمى أي أن نبدع لغة المشاعر من خلال اللغة طبعا يظل هناك الإيهام بالمعيش لكن هذا يعني حتما الشهادة العيانية فهذا متروك للتاريخ , إننا عندما نقول مثلا : العدم فإن هذا التعبير لا يعني بالضرورة النفي المطلق إنما المقصود هو العجزعن التعبير المقصود " ليس هناك حياة حكاية بل هناك حكاية حياة " كما يقول ابن عمران المليح ثم يضيف : " إنني ولدت يوم الحكاية أي المحكي " و بهذا المعنى فإننا نحكي لنعيش ولا نعيش لنحكي , الكتابة إذن ليست ترخيصا للعيش اليومي العادي إنما الكتابة تصير استكشاف حياة أخرى أفضل . الحياة الحقيقية يخلقها الإبداع و ظاهريا لا يتحقق هذا المزج إلا بانتهاء الآخر في مجاله . ما قيمة الحيـــاة إذن إذا لم ينقحــــها إبداع , نحن مطالبون بالتكــثيف و التراكم و التخزين حتى يتـــسنى لــنا الترميز و التوضيح أن نعبر بمنتهى المعنى بأ قل ما يمكن من الكلمات و مفهومي مثلا للسيرة الذاتية هو أنها هي أيضا ليست سيرة شخص إنما هي سيرة أجيال ( سيرورة ) ، السيرة الذاتية هي كينونة مسار , أن يلغي الماضي كوثيقة لتاريخ إنسان فرد. الكتابة في هذا المعنى ليست سرد حياة أو " حيوات " معينة بل هي سرد تجميع حضاري للإنسان أينما كان . ليس عندي نظريات مسبقة عن الكتابة لكن قد يكون عندي الكتابة عن النظريات و هي موجودة في كل كتابة ابداعية جيدة ربما هي حكاية لا تروق للكثيرين . لا يهم فكـل كتابة تحمل صمودها و خزائنها ....
س : تميزت كتاباتك بالشفافية و بالوضوح و الجرأة كيف قابل القراء هذه الكتابة في المغرب ؟
ج : إذا كانت الطريقة التي كتبت بها تشكل منعطفا في كتابة السيرة الذاتية تكون كتابة جديدة لا بد أن تحمل معها صدمتها , فهناك من تقبلها بنوع من التفتح الذي انطلقت منه لأنني عندما كتبت الجزء الاول و الجزء الثاني من السيرة الذاتية لم أفرض على نفسي رقابة ذاتية قوية، المحرمات الثلاثة , الثالوث المحرم ( الدين , السياسة , و الأخلاق ) لم أحاول ...لامست هذا الثاثوث ملامسة تماسية قريبا منها و لكنني لم أتعمق في التحليل ، لكن من المؤسف أن هذه المواضيع الثلاثة التي ذكرتها كل موضوع يشكل سيفا على رقبتي طبعا أنا حاولت ما أمكن أن أنتقد بعض الظواهر الموجودة في المجتمع المغربي كنت أقوم بعمل شرطي المرور أكتب كما يكتب عن بعض المجتمعات لا أقول من سوء حظي، من حظي فقط أنني أكتب عن المجتمع الطنجي أي أنني لست كاتبا مغربيا أنا كاتب طانجوي و هذا ليس عنصريا على الإطلاق لأنني في الأصل لست من مدينة طنجة أنا وافد عليها، فأصلي من الريف بربري فحتى لغتي بربرية فقط إنني استوطنت مدينة طنجة منذ ثلاث و خمسين سنة، جئتها في السابعة من عمري و مازلت أقيم بها حينما أقول إنني :كاتب طانجوي أريد أن أقول أنني لا أعــــرف المـــغرب معرفة عميقة حتى أكتب عن مراكش أوفاس أو الربــاط و أ تطفل لأن لكل مدينة تقالـــــيدها من حــيث التعبير و اـللغة فـلا أستوعب أو أتمثل مجتمع مدينة ما حتى أتعمـق في الكتابة عــنهــا و مدينة طنجة بحكم إقامتي فيها طويلا استطعت أن أكون ما يسمي بمعرفتي بجغرافيتها السرية .
س : في اللقاء المفتوح الذي نظمه مهرجان قابس لتكريمك بينت أنك لا تؤمن بالكتابة الجيدة أو الكتابة الرديئة فهل من تفسير لهذا الموقف ؟
ج : الناس العاديون يعتقدون أن الكتابة هي أن تنقل المعيش اليومي كما هو فإن تسجله هذه الكتابة تسجيلية , أنا لا أكتب " الريبورتاجات " عندما أكتب عن حالة اجتماعية هناك تجزيئات , هناك تجارب حول هذه الحالة المعينة , إذا ما كنت سأكتب حول ظاهرة لا بد أن تكون لي تجارب كثيرة مع العاهرات حتى أعرف سلوك العاهرة الشرسة و المهادنة و المراوغة أو تكتب عن لص فأنا عندما أكتب عن حالة تتجمع فيها حالات كثيرة جدا تختلف الواحدة عن الأخرى و لكن تتمركز في موضوع عاهرة أو موضوع لص , موضوع إنسان بطا ل عاطل تتضمن مشاكله التي يعيشها من خلال قصة قصيرة بينما المجال الروائي يمكن أن يتوسع فيه الكاتب أكثر لكي يعلل ...هو مجال أرحب من حيث التحليل هنا لست مطالبا بأن أعطي جوابا عندما يقال لي هل هذا حقيقي ؟ هل عشته ؟ المفروض أن ما أحكيه و أن ما أكتبه هل يمكن أن يعاش ؟ هذا هو المفروض عشته أنا حقيقة أم عاشه الآخرون لا يهم كثيرا أنني عشته شخصيا... في سيرتي الذاتية لا أكتب عن نفسي بل أكتب عن جيلي أو عن الأجيال الثلاثة التي عشت معها لكي أوضح للذين يتساءلون ...منطلقي شخصيا هو هذا
و أعتقد أن معظم المبدعين ينطلقون من هذا المنطلق ...ينبغي أن لا نسألهم هل هذا حقيقي أم غير حقيقي ينبغي أن نقول هـل هذه الكتابة جيدة أم هـذه الكتابة سيئة ؟ هل هذا معقول أن يعاش و ليس ضروريا أن أكون قد عشته أو أن أحقق هل هو حقيقة أم كذب ؟
س : استاذ محمد هل تتقبل النقد من قبل الآخر سواء كان خفيفا , لطيفا , أو لاذعا ؟
ج : هناك من" يشطب" عليك ....
س : شهدت الساحة الفكرية نهضة كبرى على مستوى النقد الأدبي و على مستوى النقد الفلسفي فما رأي الأستاذ محمد شكري ؟
ج : أنا لا أتابع كل هذه الإصدارات الفلسفية و النقدية أنا منشغل أكثر بالكتابات الإبداعية و أركز على القراءات و الإذاعات ... بصراحة هذا السؤال أعتبره نوعا ما أكادميا و أنا لا أنتمي لا من بعيد و لا من قريب إلى مثل هذه التخصصات الفكرية و العلوم الإنسانية .
س : ننتقل إلى جانب آخر من الحوار ما الذي بقي في ذاكرتك ؟
ج: بقي في ذاكرتي ما لم أكتبه بعد .... لكي أنجزما تبقى في ذاكرتي تخلصت من لعنة العمل الرسمي فكل واحد يتمنى أن يتخلص منها و الآن أحاول أن أثبت نفسي كاتبا محترفا ولا أقول ككاتب محترف ...تجنبت أن أكون كاتبا هاويا لكي أكون كاتبا محترفا أعيش بحقوق نشر كتبي ، هذه هي محاولتي و الآن عندي كتاب قيد التنقيح .
س : لقد كتبت و تحدثت بصراحة تامة , هل هناك أشياء لم تصرح بها من قبل و تصرح بها الآن لأول مرة ؟
ج: ماذا يمكن لي أن أقول هناك أشياء صرحت بها و أشياء أخرى لم أصرح بها حتى الآن ...عندما أكتب عن هذه الظواهر التي يعتبرها الغير مشينة و الآخرون يعتقدون أنني أكتب هذه الكتابات فقط لأربح بها بعض الأموال ...ما لا يسرني أن بعض النقاد و بعض القراء يعتبرون أنني أكتب تحت الطلب و ما أرجوه هو أن لا يتعامل معي هؤلاء بهذا الشكل لأنني لا أتاجر و لا أحاول أن أتاجر بما أكتب و أطلب منهم أيضا أن لا يتعاملوا معي كظاهرة أدبية بما أنني تعلمت في وقت متأخـر خاصة أنه الآن يحتفى بي و يترجم لي ... أطلب منهم أن يتعاملوا معي كـقيمة أدبية و إذا لم تكن هناك قيمة أدبية في كتبي فأرجو أن ينسوني : هذه الأشياء لم
لم تتح لي الفرصة لأعبر عنها .


س : تزور بلادنا لأول مرة , كيف بدت لك تونس ؟
ج: لا تنسى أن تونس لم تكن غريبة عني حتى قبل أن أتعلم القراءة و الكتابة , كانت لدي ثقافة تونسية موسيقية لأني كـــنت من المعجبين بصليحة أو صلوحـــة فهي كانت صلوحة فأصبحت صليــحة و رؤول جـــــورنو و محمدالكرد و علي الرياحي و حبيبة مسيكة بالإضافة إلى أغان أخرى جزائرية و شرقية من خلال ثقافتنا الشعبية قبل أن أتعلم القراءة و الكتابة مثل الآخرين و من خلال الأغاني و الأفلام .
ينبغي أن أقول و هذا ذكرته في رواية "الخبز الحافي " أن أول بيتين شعريين حفظتهما كانا لأبي" القاسم
الشابي ":
»
إذا الشعب يوما أراد الحياة * فلا بد أن يستجيب القدر
و لا بد لليل أن ينجلي * و لا بد للقيد أن ينكسر«
عندما بدأت أقرأ و أكتب ...قرأت لبعض الكتاب و الشعراء التونسيين مثل أبي القاسم الشابي و محمود المسعدي و علي الدوعاجي و على ذكر علي الدوعاجي عندما كنت أشتغل في إذاعة " ميدي 1 " قدمت عنه أربع حلقات : عن مجموعته القصصية الجميلة " سهرت منه الليالي " و "جولة حول البحر الأبيض المتوسط" فهو كان ينتسب إلى جماعة تحت السور أو جماعة "الحشاشين " بباب سويقة أو شيء من هذا القبيل و قدمت كذلك حلقات عن صليحة .
س : أستاذ محمد اسمح لي أن أضيف هذا السؤال المتعلق بالأمثال العربية , ما هو رأيك في الأمثال العربـية و ما هو موقعها في الأدب و في كتاباتك أو حتى في حياتك الخاصة ؟
أنا لا أؤمن كثيرا بالأمثال بصفة عامة لأن الإستشهاد بالأمثال ضعف , كثرة الإستشهاد: قال فلان و قال فلان و هذا المثل و ذاك ضعف ...فالأمثال لا تؤثر في كثيرا فالإتكال عليها ضعف أيضا ...لا أعتمد كثيرا عليها في كتاباتي ...

أجرى الحديث : محمد القبي
قابس – تونس أوت 1995
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قلب عاشقة
ღ♥ღ عضوة متقدمة ღ♥ღ
ღ♥ღ عضوة متقدمة ღ♥ღ
قلب عاشقة


انثى
المشاركات : 389
الهوايات : ^ــ^يا كثرها
مزاجي : مجمد شكري Na3san10
البلد : مجمد شكري Female62
تاريخ التسجيل : 24/09/2007

مجمد شكري Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجمد شكري   مجمد شكري Emptyالأحد 18 نوفمبر - 8:17

همس الروح
موضوع رائع ومميز
احنا من جد بحاجة لمعرفة ادباء عرب
ما كنا نعرف عنهم غير اسماءهم
يسلمو يا الغلا على مجهودك
الله يسعدك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السيدة laady
ღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღ
السيدة laady


انثى
المشاركات : 603
الهوايات : تعلم العيش
مزاجي : مجمد شكري Mobtah10
البلد : مجمد شكري Female49
تاريخ التسجيل : 22/09/2007

مجمد شكري Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجمد شكري   مجمد شكري Emptyالأحد 16 ديسمبر - 4:53

قلب عاشقة

شاكرة لك مرورك غاليتي

دمت بخير


مجمد شكري 2yi17053



يجب الاتفاق منذ البداية علي كون محمد شكري يشغل حيزا مهماً في ذاكرة المغرب الثقافية. لا باعتباره قاصاً وروائياً، بل لكونه مثقفا بكل ما يحيل إليه مفهوم الثقافة من رمزية خاصة في خارطة طريق تحديث الخطاب الثقافي المغربي. وبإمكان القارئ المغربي تلمس عناصر هذه الرؤية من خلال مجموع أحاسيسه، كما يجسدها محمد شكري في سلوكاته وأحاديثه اليومية بلغته الناذرة ذات النبرة المكتنزة للكثير من القضايا التي تشغل بالنا، وخصوصا منها المسكوت عنها.
دون الإشارة إلي كتاباته وأعماله الإبداعية (لأن الثقافة، كما هو معروف وبحكم البديهيات تتجاوز محدودية الأجناس الكتابية الأدبية والفنية، واجتراحاتها المادية..) (في الثقافة العربية، إلياس فركوح، جريدة (الزمان) اللندنية 20 آذار (مارس) عدد 1165).
وهو ما يدفعنا إلي القول إن محمد شكري قد وجد الطريق مبكرا نحو الإجابة عن أفق انتظارات القارئ المغربي وغيره من خلال ما يحمله من جرأة وحجم ثقافي كنتاج لمساره الحيواتي الموشوم بكثير من التجارب الناذرة والمسبوقة. وهو فضاء ــ أي المسار الحيواتي ــ له أهميته الخاصة كما يشهد بذلك الكثير، لا لكونه فضاء يختلط بالكتابة، بل لكونه مساحة كانت ولازالت أكثر إثارة للجدل في أوساط كثير من النقاد، والقراء، والمحافظين علي حد سواء، ليبقي محمد شكري في النهاية علامة فارقة في بنية وأنماط السرد المغربي، خاصة ما يهم جانب السيرة الذاتية.
وفي هذا السياق نستحضر سيرته الذاتية الروائية (الخبز الحافي) التي أخذت باهتمام الجميع من حيث مبناها ومعناها.
ألم تكن (الخبز الحافي) إحدي أهم الشواغل؟.
كما هو ملاحظ، لقد تم اختزال مشروع الكتابة لمحمد شكري من لدن عديد من النقاد والقراء، وطنيا وعربيا ودوليا في (الخبز الحافي)، والواقع أن ما كتبه محمد شكري في المراحل الموالية لروايته الأولي نذكر منها علي وجه الأخص (وجوه) و(زمن الأخطاء) يعتبر حقيقة متنا سرديا شموليا ــ إن صح هذا التعبير ــ يعبر عن سمات إبداعية مهمة بكثير لدي محمد شكري، مما يدفعنا إلي التأكيد علي أن النقد المغربي بشكل أو بآخر قد أضاع وفوت الفرصة علي نفسه وعلي القارئ عموما، لسبر أغوار التجربة الإبداعية الخصبة والمتقدة لمحمد شكري الحاضر الغائب.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد هو: لماذا هذا الاحتضان الشامل لـ(الخبز الحافي) دون غيره من باقي الأعمال الإبداعية الأخري؟ وبالتالي إلي أي حد قد أنصف النقد المغربي الكاتب محمد شكري؟.
وبعيدا عن رجة الأسئلة، نشير مسبقا إلي أننا نقدر قدرات النقد المغربي بتجاربه المختلفة ونراهن علي قدرته الإسهام في صياغة وبلورة إبداع مغربي يعكس مقومات مجتمعنا بتعدده الإثني والثقافي.
إن (زمن الأخطاء) و(وجوه) جميعها فضاءات تغري بالقراءة، ووجها آخر يختزل السيرة المزدوجة والممتنعة لكل من محمد شكري وطنجة الأسطورة اللامتناهية بآفاقها الشبيهة بشكري (أحس أن طنجة هي بحري الذي لا أستطيع العوم خارجه) (لا أعتبر نفسي كاتبا مغربيا، أفضل تصنيفي ككاتب طنجاوي) (انظر نص الحوار الذي أجراه عدنان ياسين مع محمد شكري بزوايا، جريدة الثقافة الحية للشباب ص: 19، عدد 54 سنة 2003).
إن طنجة بدفء لياليها، وامتدادات أصواتها، ومتاهات دروبها أخذت كعادتها بكثير من رموز الكتابة والفن بمختلف انتماءاتهم وطبائعهم. فلا غرو أن تأخذ ب دولاكروا، محمد برادة، صامويل بيكت، عز الدين التازي، إلي غيرهم من باقي الكتاب. وهو الفضاء نفسه الذي تحرص ذاكرة محمد شكري ــ المتعبة به ــ كل الحرص علي اجتراره في كثير من كتاباته وحواراته الصحفية.
أليست طنجة تجسد تمثلا إبداعيا بوجه متعدد كفضاء طوبوغرافي مؤثر ومحفز علي الكتابة؟
والحق أن هذا التمثل المدهش بسحريته وغرائبيته، يدفعنا للتساؤل عن ما يمكن أن يحمله من دلالات؟
ــ يمكن تركيز الإجابة في:
ــ إن طنجة تحتمل أن تكون ذات وجهين في الكتابة:
أ ــ وجه واقعي يحيل علي المدينة كمرجع
ب ــ ووجه قابل وبكثير من العفوية والترميز بأبعاده الوطنية والكونية. (محمد عز الدين التازي، جريدة الشمال 2000 ص: 16 العدد 76).
وفي السياق نفسه، ومن باب المجازفة يمكن القول إن مفهوم الكتابة لدي محمد شكري يؤسس نفسه علي قاعدة الارتباط (بطنجة)، وهو الارتباط الذي يعكس توحد الذات المبدعة إلي درجة الانصهار الكلي. وهو انصهار تاريخي يتداخل فيه كل ما هو وجودي بما هو قيمي (بيني وبين طنجة علاقة حب قوية، قد نفترق، لكن الطلاق بيننا غير وارد أبدا)، (أريد أن أبقي في الذاكرة بصفتي كاتب التاريخ المتجول لهذه المدينة) (انظر نص الحوار الذي أجراه عدنان ياسين مع محمد شكري بزوايا، جريدة الثقافة الحية للشباب ص: 19، عدد 54 سنة 2003.
وإذا صح الافتراض أعلاه ــ افتراض الانصهار الكلي ــ بكل ما يحمله من دلالات، يمكننا توظيف هذا الحب/ الارتباط، بغية بلورته مرجعيا لمعرفة العوالم السفلية والخفية لمحمد شكري. وهي عوالم تفضح طبيعة الزيف وتلاحقه وتحاكمه رمزيا، وتعري كل ما هو يومي بجراحاته وبأوجاعه. إنه الاغتراب الذي أصبح سمة الإنسان المغربي، يهدده في كينونته من خلال طبيعة علاقاته السائدة، وهي علاقات منتجة ومروجة للاحتقان والقساوة بدرجة متفاوتة.
وكتابات محمد شكري كما يبدو لا تخرج عن مثل هذا السياق لأنها تخلخل السائد، وتنهض علي أساس رصد الواقع وتكشف عن الزيف الذي يلمه.
أليس هذا التوصيف، سؤالا أخلاقيا وقيميا يمكن تأطيره من داخل ما هو سوسيوثقافي، لأنه ــ أي السؤال ــ يستمد استراتيجيته من موضوعة النفي والإثبات. نفي الآخر وإثبات الأنا بمستوياتها ودرجاتها المتفاوتة (شتموني، بصقوا علي، ودفعوني، شاب أقوي مني ركلني وضربني علي قفاي، لكني بقيت هناك عنيدا)، (أدخلني حجرة قاتمة كدست فيها أشياء قديمة أغلبها مكسور، قال مغلقا علي الباب: إياك أن تبكي سأجلدك بقضيب إذا بكيت) (محمد شكري (الخبز الحافي) ص: 19 السنة 2000.)
من خلال القراءة البسيطة لمثل هذا البوح يتضح أن كتابة محمد شكري، هي كتابة صرخة علي درجة عالية من الارتباط بالمحن والعزلة والتقلبات التي باتت تعصف بالإنسانية. أليست كتابته فرصة لطرح السؤال والأسئلة، سؤال الإنسانية، سؤال الوجود، وسؤال الكينونة، قياسا علي ما أصبحنا نعيشه من إكراهات ومضايقات واستفزازات واغتراب علي مستوي طبائعنا وعلاقاتنا الاجتماعية التي غدت أكثر من مفخخة وموبوءة.
ولعل محمد شكري بـ(طفولته المهمشة كما عاشها وفرت له ذخيرة حية من عناصر الكتابة والتأمل الذاتي وصحبة اللغة) (كلمة حسن نجمي المتضمنة في الغلاف الأخير لـ(الخبز الحافي) السنة 2000).
في النهاية ومن دون أية شك سيبقي محمد شكري بصوره المتعددة كاتبا بامتياز في ظل ما عرفته الكتابة من تحولات، و مؤرخا ينبض بحركيته و شغبه المعتاد. و هو الشغب الذي كثيرا ما يفتقده الإبداع المغربي بنفس الصورة التي نمارسها في حياتنا اليومية و نعيشها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السيدة laady
ღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღღ♥ღ السًُـلْطَةُ الخَامِسَةُღ♥ღ
السيدة laady


انثى
المشاركات : 603
الهوايات : تعلم العيش
مزاجي : مجمد شكري Mobtah10
البلد : مجمد شكري Female49
تاريخ التسجيل : 22/09/2007

مجمد شكري Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجمد شكري   مجمد شكري Emptyالأحد 16 ديسمبر - 4:55

الشطار لمحد شكري: بين السيرة الذاتية والأدب البيكارسكي

د. جميل حمداوي - المغرب
تندرج رواية "الشطار" ضمن الأدب البيكارسكي –Picaresque- الذي تعود جذوره إلى فن المقامة والأدب الإسباني. ويمكن اعتبار هذا النص كذلك سيرة ذاتية روائية أو رواية ذات ملامح أطوبيوغرافية لوجود ضمير المتكلم، وصيغة الحاضر، واسترجاع الماضي، واستعمال الكتابة النثرية، واعتماد تقنية التذكر، وتطابق الذات الكاتبة مع الذات المتحدث عنها (الشخصية المحورية).
ويعتبر محمد شكري – حسب الدكتور علي الراعي- رائد الأدب الشطاري أو الرواية الواقعية الاحتيالية: وذلك بروايته "الخبز الحافي" حيث يقول: " وفي أدبنا العربي الحديث ظهرت في السنوات الأخيرة سيرة ذاتية روائية بعنوان "الخبز الحافي" للكاتب المغربي محمد شكري. وهي تحكي المغامرات الاحتيالية واللصوصية والجنسية لشاب أمي في أدنى مراتب الفقر، ينتقل بين طنجة ومدن المغرب، بحثا عن لقمة الخبز الحاف.
والسيرة تعود بالكتابة الروائية عندنا إلى النقطة التي كان ينبغي أن تبدأ منها الرواية العربية، مستندة إلى المقامات مطورة إياها إلى فن روائي عربي الأساس، " ولعلها على المدى أن تقود إلى فن روائي عربي يكون أكثر صدقا وأحر طعما من كثير مما يكتب الآن في حقل الرواية العربية، شريطة أن تتلخص من بعض ما يصدم الشعور بلا مبرر فني، ويجعل السيرة في بعض أجزائها صراخ احتجاج طفولي ورغبة في تحطيم المواضعات لمجرد التحطيم.
ومن الطريف اللافت للنظر أن تظهر هذه السيرة الروائية في المغرب، البلد المجاور لإسبانيا، التي أخرجت رواية لازاريللو ذي تورميس، وأن تتحرك في أرجائها شخصيات من إسبانيا، ما بين شرطة ومحققين ومدنيين أوجدهم الحكم الإسباني وأوسع لهم ..(1)."
وتكمل رواية الشطار رواية الخبز الحافي. حيث ترصد هذه المرة مغامرات شكري المجونية والعبثية ما بين الريف مسقط رأسه وطنجة التي جعلها مكانا لإثبات ذاته الوجودية وشطارته الذهنية.
هذا، وقد ركزت الرواية على الكيفية التي ولج بها شكري عالم المدرسة لأول مرة، وهو كبير السن رغبة في الانسلاخ من الأمية ومحو الفقر. بيد أن المدير رفض قبوله أول مرة؛ ولكنه في الأخير استجاب لطلب مرسله الذي كانت له علاقة طيبة به.
وبعد امتحانات أولية في الحساب والإسبانية، تقرر ضم الكاتب إلى تلاميذ المدرسة الابتدائية، وبدأ حياته الدراسية بطريقة عصامية تعتمد على التعلم الذاتي على الرغم من كبر سنه وفقره المدفع. فقد كان الفتى من أسرة وضيعة جدا نزحت من الريف عام المجاعة لتستقر في كوخ بمدينة تطوان.
وشمر الكاتب التلميذ عن ساعده ليواجه عدة صعوبات مادية ومعنوية. ولكنه ذللها بالجد والمثابرة والمغامرات الاحتيالية والشطارية. وانتقل بعد حصوله على الشهادة الابتدائية إلى الثانوي ثم مركز تكوين المعلمين. وبعد ذلك سيعين معلما في طنجة على الرغم من عدم نجاحه في امتحان التخرج.
وتمتاز علاقة شكري بأفراد أسرته بالتنوع والاختلاف إذ يقسو على أبيه الذي كان يسخر منه ويود قتله والتخلص منه، ولا يحب فيه إلا جيبه. بينما علاقة الفتى بأمه أساسها المودة والمحبة والحنان والرأفة. وعلى العموم كان يطغى على هذه العلاقات الجفاء والبرود العاطفي لانعدام الانسجام بين أفراد الأسرة. وكان الكاتب شاطرا صعلوكا يرغب في الحياة، ويقبل عليها بنهم مجوني لإشباع الرغبات الجنسية والغرائز الجسدية ناهيك عن إقباله المفرط على الخمر والحشيش والكيف المخدر وغير ذلك من المخدرات التي كانت يتهافت عليها صعاليك الشمال المغربي إبان استقلال المغرب وانتصار الحركة الوطنية وطرد المستعمر الإسباني من البلاد.
هذا، وإن رواية "الشطار" رواية واقعية اجتماعية تصور طبقة الصعاليك والشطار الفقراء الذين لم يكونوا محظوظين في حياتهم ولم ينالوا الحنان الأسري. بل وجدوا أنفسهم في الشوارع يطاردهم الفقر، ويدغدغهم الجوع، وتنهشهم الأمية، ينتقلون من فندق إلى آخر باحثين عن لذة عابرة، ومن حانة إلى أخرى اقتناصا للذات وإشباعا للرغبات الواعية والمكبوتة. ويلاحظ أن الرواية ثورة على الظلم، وسخرية من الزيف الاجتماعي والنفاق الطبقي، والتشدق بالشرف والتمسك بشكل الاحترام لإخفاء الانهيار الخلقي للشرفاء المحترمين(1).
وتتداخل في هذه الرواية مجموعة من القيم المتناقضة كالعبثية والمجون والشبقية والرغبة في العلم والمعرفة. ويمكن إدراج هذه الرواية ضمن التيار الواقعي الانتقادي بمفهومه العام، وفي خانة الرواية الوجودية نظرا لكونها تطرح قضية العبث والحرية وفلسفة القلق والالتزام بالواقع والتحرر الذاتي من إسار التقاليد والتمرد على نواميس الأخلاق ومواضعات القانون وقيم الأعراف والعادات.
ويمكن كذلك استخلاص مجموعة من التيمات التي تجعل من هذه الرواية شطارية مادامت ترصد فئة المهمشين الذين يعيشون على هامش المجتمع. وهذه التيمات هي : والمخدرات، والصعلكة، والمغامرات العبثية والمجونية والفقر، والاحتيال، وتملك المعرفة الأدبية والفنية ، ومصاحبة الشطار، والتمرد على الأخلاق والقوانين والأعراف الاجتماعية.
وتذكرنا هذه الرواية بالبيكارو Picaro في رواية المؤلف الإسباني المجهول "لازاريللوذي تورميس" (ق 16م) Lazarillo de Tormes، فنقط الالتقاء غير قليلة. كلاهما فقير مدقع، مضيق عليه في الرزق، وكلاهما مغامر جواب آفاق، يستخدم ذكاءه البين في طلب الرزق، لا يتردد في هذا السبيل أن يغش ويخدع ويسأل الناس، ويسرقهم أحيانا(1).
وينقل لنا محمد شكري في هذه الرواية الواقع بكل أمانة وصدق دون تزييف ولا مواربة. ويسجل سيرة ذاتية قائمة على ذكر الأخطاء والمساوئ بدلا من ذكر الإيجابيات واستعراض العضلات المعرفية والذهنية والوجدانية كما هو الشأن في الأيام لطه حسين، أو الطفولة لعبد المجيد بن جلون، أوأوراق لعبد الله العروي، أو حياتي لأحمد أمين. إنه يعبر بكل صدق عن فئة المشردين والمنبوذين في المجتمع المغربي بصفة خاصة، والعربي بصفة عامة، تلك الفئة التي تعيش وضعا هامشيا خارج تاريخ المجتمع ونواميسه الموضوعة، فئة منبوذة اجتماعيا وأدبيا.
وتتسم رواية الشطار بالجرأة في تناول قضايا الجنس والدعارة وإن كان ليس بالشكل الذي عرفناه في روايته الأولى (الخبز الحافي)، وربما يعود هذا إلى دور الرقابة العربية في منع كتاب يتناول قضايا جنسية بالمعنى "البورنوغرافي" العميق على غرار كتابات ألبرتو مورافيا الكاتب الجنسي الإيطالي.
وهكذا، يعبر شكري في سيرته الذاتية عن فئة الشطار التي لا تمتلك أدوات الإنتاج، وتعيش على حافة المدن بدون أي أمل في الدخول إلى المجتمع المحترم أو في مجرد الوصول إليه. ويعبر شكري خير تعبير عن إحساس أوشعور هذه الفئة بالنبذ(1).
ومن ثم، فرواية الشطار تعبير عن رفض للواقع الكائن ومواضعاته الزائفة، وتمرد على مبتذلات الحياة والفقر المدقع والجفاء الأسري وطغيان المادة على أخلاقيات البشر. وما الخمرةوالمخدرات إلا مظاهر للتنفيس السيكولوجي اللاشعوري عن مكبوتات وعقد اجتماعية ونفسية نابعة من الإحساس بالدونية والتهميش والنقص والفقر والازدراء الطبقي. لذا، فالرواية شهادة ووثيقة تاريخية عن أوضاع مجتمعية وأقنعة مصطنعة وحديث صادق عن واقع مر يتسم بالفضاضة والصراع الطبقي وتآكل أفراده وسحق المنبوذين والمهمشين.
كما تصور الرواية فضاء طنجة باعتبارها منطقة دولية ومكانا وحانة للخمور ومغارات للجنس وفضاء للصعلكة والاحتيال وتجمعا للمنبوذين والفقراء والشطار وتصوير عالم السياح وبحثهم عن إشباع رغباتهم . وهكذا، تكون طنجة من خلال روايات محمد شكري رمزا للدنس والفضاء الموبوء. وهذا الرمز نجده عند مجموعة من الروائيين الآخرين كمحمد برادة في الضوء الهارب ومحمد عز الدين التازي في مغاراته ومحمد الدغمومي في بحر الظلمات وعبد الحي المودن في فراق في طنجة.
وتعتمد السيرة الروائية الشطارية عند شكري على المعايشة والصدق والحقيقة والتجربة والواقعية والعفوية والتلقائية في الكتابة والتسجيل دون ادعاء أو زيف أو كذب. ويلاحظ على رصده لواقع الفئات المنبوذة التي تعيش على هامش المجتمع العمق في التحليل ودقة النظر والملاحظة بطريقة لا تكلف فيها ولا تصنع .
وإذا كان الجزء الأول من سيرة محمد شكري الشطارية يقدم لنا تجربة الصبا والبلوغ وسنوات تفتح الوعي الأولى، "فإن الثاني يقدم لنا تجربة النضج وصقل الخبرة واستيعاب المعرفة؛ ولكن أيضا لأن بنية النص نفسها وقد اقتربت من ذروة اكتمالها أخذت تستخلص من التجارب تؤرقها، ومن اللحظات أغناها، ومن الشخصيات أثراها، ومن الأحداث أشدها حدة وتألقا، ومن الحالات أكثرها دلالة على الموقف والمزاج"(1).
هذا، وإن شخصيات رواية محمد شكري متنوعة. فهناك شخصيات محتالة، وشخصيات متنورة (محمد الصباغ)، وشخصيات شطارية من سماتها الصعلكة والتمرد على الواقع الاجتماعي، وشخصيات أجنبية معظمها سياح وسائحات همها الوحيد اقتناص اللذات والكتابة وتسجيل ذكرياتها في مدينة طنجة، وشخصيات عائلية (الأم – الأب- الإخوة- الأصهار...)، وشخصيات دينية وسياسية. وإلى جانب هذه الشخصيات نجد نساء عاهرات ومريضات وفقيرات منبوذات يعشن على هامش الواقع يتاجرن في أجسادهن من أجل لقمة الخبز أو تحقيق متعهن ورغباتهن الشبقية.
وتجري أحداث هذه الرواية في فضاءات متداخلة، منها فضاء الفقر والبطالة والجفاء (تطوان)، وفضاء المغامرات المدنسة (طنجة)، وفضاء العلم والمعرفة والتعليم (العرائش)، كما تتجاور في الرواية فضاءات مقدسة (المساجد- المقابر...)، وفضاءات مدنسة (الحانات، الفنادق، المقاهي...). وتؤكد هذه الأفضية جدلية الداخل والخارج، وصراع الروح والمادة، والحياة والموت. ويتضح من كل هذا أن رؤية محمد شكري للعالم رؤية أبيقورية قائمة على اللذةوتحقيق نزواته. وهذه الرؤية تختلط برؤية وجودية قوامها العبث والحرية والتمرد.
وهكذا، فرؤية شكري رؤية شطارية وجودية وأبيقورية ترتكز على المتعة الجسدية والعقلية، ولا تبالي بالمتعة الروحية أو الأخلاقية. وبذلك، تحضر الدنيا وتغيب الآخرة. والمتعة العقلية هنا في خدمة الجسد وتحقيق اللذات الإيروسية والليبدية عن طريق توفير الإمكانات لإشباع "الهو" و"الأنا" معا.
ويبدو أن الهروب خارج البيت، والهروب من العنف، ومن الأب، ومن الموت " هو موضوع السيرة كله، وهو مدار رغبتها الملحة في التحرر من القهر الميتافيزيقي (الموت) والاجتماعي (الفقر المادي والمعنوي) والعضوي (الانتهاك الجسدي). والذي لن ينتهي الراوي منه حتى يحقق مصالحته الخاصة مع ذاته ومع المكان، ويوثق عرى علاقته الحميمة بهما معا في قصيدة "طنجة" التي تنتهي بها "الشطار"(1).
وعليه، فرواية الشطار سيرة روائية بيكارسكية واقعية تنقل واقع المنبوذين والمهمشين الصعالكة بطريقة مباشرة وصريحة قوامها الصدق الفني والتلقائية والعفوية المطبوعة ناهيك عن تشويه الواقع وتعريته بكل وقاحة وفضاضة.
ويستند بناء رواية الشطار إلى التسلسل الكرونولوجي من حيث الزمن، وتسلسل الأحداث منطقيا وترابطيا، وهذا ما يجعل هذه الرواية كلاسيكية النمط. وتهيمن الرؤية المصاحبة (الرؤية مع) على الرواية لوجود ضمير المتكلم وتداخل الكاتب / السارد والشخصية مطابقة ومشاركة في إنجاز البرنامج السردي، كما أن المعرفة متساوية بينهما. ومن ثم، فالتبئير داخلي، وقد يتحول المبأر إلى مبئر لرصد الشخصيات الأخرى داخليا وخارجيا.
وقد وظف الكاتب في روايته أساليب السرد المعروفة كالخطاب المسرود، والخطاب المعروض، والمنولوج أو المناجاة. ولكن الخطاب غير المباشر أو السرد يبقى الخطاب المهيمن، حيث يتدخل الكاتب في مسار السرد تعليقا، وتقويما، وتحريكا للشخصيات، وتبليغا لأطروحته الواقعية الانتقادية. ويتسم سجله اللغوي بالتنوع: إذ يوظف الكاتب كلمات من الإسبانية والريفية، وعامية الشمال (الجبلية)، والفصحى، وعبارات من اللغة الإنجليزية. وأغلب كلمات سجله اللغوي المتنوع ذات المصادر المحلية أو الأجنبية غير مفهومة بالنسبة لمن لا يعرفها، لذا أردف شكري متنه الروائي بهوامش لغوية أومعرفية تشرح مدلول الكلمات الصعبة وتوضح ما غمض من العبارات أوتفكك بعض المعلومات الأدبية والفنية والتاريخية بالتفسير والتأويل.
وظاهرة الهوامش تقنية جديدة في تذييل الرواية وتسويرها بالحواشي والمتون. وهي معروفة في الرواية المغربية لدى كل من عبد الله العروي في (أوراق)، ومبارك ربيع في (بدر زمانه)، وبنسالم حميش في (مجنون الحكم، وسماسرة السراب). وتحدث ميشل بوتور -Butor- عن هذه الظاهرة المناصية في كتابه القيم (بحوث عن الرواية الجديدة).
وتمتح لغة "الشطار" من معجم الواقع ومن قواميس الشطار والصعاليك، وتمتص مفاهيمها من لغة الشارع وعامية البدو القاطنين في جبالة أو الريف المغربي، وكذلك من لغة المحتالين .
وعمد الكاتب إلى توليد الكلمات عن طريق الاشتقاق وتعريب "الدارجة"، وتفصيح العامية لتقريب الرواية من الواقع المعيش، وخلق المصداقية الفنية مع الواقع الحقيقي المتناقض في قيمه ومبادئه.
وتتفاعل الرواية تناصيا مع كثير من النصوص البيكارسكية الإسبانية والروايات العربية الجريئة في طرح والصعلكة والسيرة الذاتية (روايات العربي باطما – روايات صنع الله إبراهيم- رواية الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال"- الوشم لعبد الرحمن مجيد الربيعي...)، دون أن ننسى استحضار روايات الكاتب الإيطالي ألبرتو مورافيا المعروف ويكتب محمد شكري – أسلوبيا- وثيقة اجتماعية بلغة أدبية واقعية قوامها التشخيص الموضوعي والتقرير والصدق الذاتي والابتعاد عن التصنع والحذلقة الجمالية والتخييل البياني، واجتناب الصور البلاغية ذات الطابع الإنشائي، والميل إلى لغة الواقع وسجلات المنبوذين وصعالكة الحانات وشطار المواخير لنقل بلاغتهم في الكشف والعري وقواميسهم اللغوية على الرغم من سوقيتها وعفويتها وتمردها على قواعد الأخلاق ومعايير المجتمع.
ويلاحظ على الرواية اهتمامها بسرد الأحداث بدلا من تصوير الجوانب النفسية للشخصيات وتعميق فهمها وتفسيرها، والاقتصاد الكبير في الوصف إلى درجة انعدامه في كثير من الصفحات في الرواية. ويتميز إيقاع سرد الأحداث بالبساطة والوصفية الإثنوغرافية التي تغلب عليها الموضوعية والحياد العلمي، ولا تستحيي من عريها وصراحتها المكشوفة. وبلغت واقعيتها الوصفية حدا "جعلتها أقرب إلى النصوص العلمية الإثنوغرافية منها إلى النصوص الأدبية في الثقافة التي أنجبتها. لأن في كثير من النصوص الواقعية في الثقافة العربية المعاصرة قدرا كبيرا من التعمل، أو تعمد إيقاع الواقع في براثن الرؤى المسبقة والتصورات الجاهزة عنه. وهذا البعد عن مواضعات الحذلقة " الأدبية" التقليدية هو الذي يؤسس حداثة هذا النص الأدبي الجميل، بل ويوغل به في مغامرة الحداثة حتى يشارف تخوم ما يعرف الآن بما بعد الحداثة"(1).
ويلاحظ كذلك أن محمد شكري يبتعد عن التجريب المجاني وتمثل أساليب الرواية الجديدة الفرنسية أو الإنجليزية، واصطناع التقنيات التي انغمس فيها كثير من الروائيين المعاصرين لخلق حداثة مصطنعة تقتنص نتائج علم السرديات والسيموطيقا. بيد أن شكري أميل إلى السرد البيكارسكي الإسباني منه إلى السردين : الفرنسي أو الإنجليزي، إذ قرأ الكثير من النصوص السردية في هذا النوع من الأدب.
وقد استطاعت سيرة شكري "الشطار" أن تضع كاتبها باقتدار على "الخريطة الأدبية كواحد من الذين ساهموا في تأسيس الكتابة الحديثة بشكل عفوي وتلقائي ودون ادعاء بأنه يقدم أي جديد. وهذه العفوية الطالعة من قلب المعاناة والألم هي أولى سمات تلك الكتابة الحداثية الجديدة التي يقدمها لنا محمد شكري في سيرته الجريئة الصادمة. لأن حداثة الكتابة عنده ليست نتيجة رفض الكتابة القديمة، أو ثمرة بحث شكلي أو أسلوبي أو لغوي يستهدف التمايز والمغايرة، وإنما هي بنت الاستجابة العفوية لمتغيرات الواقع، ومحاولة تقديمه في بكارته وكليته وزحمته وحضوره المباشر"(1).
ولا ننسى أن نقول: إن محمد شكري وظف مجموعة من النصوص الشعرية يناجي فيها طنجة باعتبارها فضاء وجوديا لكل الشطار والمهمشين والصعالكة وقد عنون شكري فصول روايته بعد أن رقمها في "الخبز الحافي". وتتجاوز فصول الرواية الثلاثين فصلا. وتجمع هذه العناوين بين الجمل الاسمية والجمل الرابطية الناسخة، وتغيب الجمل الفعلية ليسود التقرير والتأكيد على حساب الفعل والحركة والصراع، وتحيل هذه العناوين على أمكنة قضائية وشخصيات وأعلام، إلى جانب وجود عناوين تؤشر على المكون الشيئي والعاطفي، وذكر الأحداث الدينامية والساكنة (العواطف، الحالات...)، ورصد الأوصاف والحالات.
ويوحي العنوان الخارجي بالنقلة النوعية من البعد الفردي (شكري باعتباره ذات شطارية مفردة في الخبز الحافي)، إلى البعد الجماعي (جماعة الشطار في الرواية الثانية). ويؤكد العنوان كذلك الصيغة النهائية لجنس الرواية بأنها سيرة بيكارسكية تصور فئة الشطار المنبوذين في هذا الواقع المنحط المليء بالتناقضات والقيم الزائفة المهترئة.
وتأسيسا على ما سبق، نصل إلى أن رواية "الشطار" كلاسيكية من حيث البناء، وواقعية من حيث الطرح والمعالجة، وأطبيوغرافية من حيث السرد، وبيكارسكية من حيث الشخصية المنجزة. وهي سيرة تحمل رؤية وجودية أبيقورية قوامها . إلا أنها رواية تنتقد القمع والعنف والظلم والتفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي والاستغلال، وتفضح المستور، وتكشف المضمر وتعري الواقع المدنس وتناقضات القيم الإنسانية، وترصد الفضاءات الموبوءة المصحوبة بلعنة القدر ولسعات العبث والضياع الوجودي.
(1)- د. علي الراعي:شخصية المحتال في المقامة والحكاية والرواية والمسرحية- كتاب الهلال، العدد 412، أبريل 1985م - ص 9.
(1) – المرجع نفسه ص: 11.
(1) – نفســـه - ص: 43.
(1)– انظر: الرواية العربية واقع وآفاق، تأليف جماعي، دار ابن رشد، بيروت، لبنان، ط1، 1981، ص: 421.
(1)– د. صبري حافظ: (البنية النصية لسيرة التحرر من القهر)، الشطار، محمد شكري، ص: 222.
(1) – د. صبري حافظ: (البنية النصية لسيرة التحرر من القهر)، الشطار، ص: 229.
(1) – د. صبري حافظ : نفســه ص : 223.
(1) – نفســه ص: 223-224 .
يعطيكم الف عافيه على الجهود الرائعه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مجمد شكري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات زمرده النسائية :: منتديات «إدارتنا» :: ♣ خليڪ ع الجۈ |-
انتقل الى: